عادت الجبهة السودانية لتتصدر العناوين بأخبار ضخمة؛ حيث اجتاحت شائعة اغتيال قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، منصات التواصل الاجتماعي العربية على نطاق واسع جداً خلال الساعات القليلة الماضية. لكن، هل يمكن لهذه الأنباء أن تكون حقيقية؟ في ظل الغياب المطلق لأي تأكيد رسمي، سواء من الجيش السوداني أو حتى من ميليشيا الدعم السريع، تتزايد التساؤلات حول طبيعة هذه الأنباء ومصدرها. هذا الصمت المريب يضع هذه الأنباء القوية في خانة التكهنات المنظمة، لا أكثر.
تفاصيل الشائعة ومصدرها المزعوم: الهجوم بطائرة “بيرقدار”
المعلومات المتداولة حول الحادث كانت شحيحة للغاية، لكنها تتفق حول نقطة رئيسية: أنباء تتحدث عن مقتل حميدتي إثر تعرضه لهجوم بطائرة مسيّرة من طراز “بيرقدار”. الغريب هنا أن الأنباء لم تشر أبداً إلى تفاصيل دقيقة مثل توقيت العملية أو الموقع المحدد الذي استُهدف، والأهم من ذلك، الجهة المسؤولة عن هذا الهجوم. كما ربطت بعض المواقع الإلكترونية المصرية هذه الأنباء بقناة RTE، لكن عند العودة إلى القناة المذكورة، يتضح عدم وجود أي بيان رسمي يؤكد هذه الرواية.
خبراء يحسمون الجدل: الرواية جزء من حرب نفسية
بالنظر إلى التداول الهائل لهذه الأنباء، يرى خبراء ومتابعون للشأن السوداني أنها لا تعدو كونها جزءاً لا يتجزأ من حرب المعلومات الدائرة بين الأطراف المتصارعة في السودان. فانتشار الشائعة بهذا الحجم الواسع، وبشكل شبه متزامن، يهدف بوضوح إلى خلخلة الميدان وتغيير حسابات القوى المتصارعة. الأمر كله يتعلق بإرباك ميليشيا الدعم السريع وإدخال حالة من الفوضى والغموض حول قيادتها العليا، في محاولة للتأثير على معنويات المقاتلين وتحركاتهم الميدانية.
الموقف الرسمي والمصداقية الإخبارية: الالتزام بالصمت
من الأهمية بمكان أن نؤكد أن أي وكالة أنباء دولية موثوقة لم تقم بنشر الخبر أو تأكيده، وهو ما يزيد من ضعف مصداقية هذه الأنباء. وعلى الرغم من انتشارها الواسع، فإن القاعدة المهنية تحتم علينا عدم التعامل معها كحقيقة إخبارية. لذلك، لا يزال الموقف الرسمي للجيش السوداني وقوات الدعم السريع هو الصمت التام، وهو الرد الذي يترك الباب مفتوحاً أمام استمرار التكهنات، ولكنه في الوقت نفسه يؤكد أن الخبر لم يصل بعد إلى مرحلة التوثيق الإخباري.
اقرأ أيضًا من «اخبار»
