لماذا لا تعكس صور الأطفال السعيدة على وسائل التواصل واقعهم النفسي؟
في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، يشارك العديد من الآباء صورًا لأطفالهم السعداء مع عبارات توضح أنهم ينشرون هذه الصور تحسبًا لأن يتحدث أطفالهم يومًا ما عن طفولة صعبة أمام معالج نفسي. ورغم أن هذه الصور تُظهر لحظات من الفرح والمرح، إلا أن خبراء الصحة النفسية يحذرون من أنها لا تعكس الواقع الكامل، وقد تخفي وراءها معاناة أعمق.
ويشرح المعالجون النفسيون في موقع “بيرنتس” أن الصور تلتقط الابتسامات واللحظات الممتعة، لكنها لا تعبّر عن المشاعر المعقدة أو الصعوبات التي قد يواجهها الأطفال. فقد يظهر الطفل سعيدًا في صورة، لكنه في الوقت نفسه يعاني من الخوف أو الوحدة أو الألم. وهذه الظاهرة، التي تُعرف بـ”عرض الحياة على أنها مثالية”، تُعرّض الآباء لخطر استبدال الإصلاح الحقيقي بالتطمينات الشكلية فقط.
ويشعر العديد من الآباء اليوم بضغط وحكم شديد على أساليب تربيتهم، خاصة مع تزايد حالات الانفصال العائلي والوعي المتزايد بأهمية النمو النفسي للطفل. وتعمل وسائل التواصل الاجتماعي على تضخيم هذه المخاوف من خلال تشجيع الآراء المتطرفة والانتقادات الحادة؛ ما يجعل الآباء يدافعون عن أنفسهم ويبحثون عن إثبات أنهم “آباء جيدون” عبر منشورات معدة بعناية.
الحقيقة تتجاوز الصور
ويؤكد الخبراء أن حاجة الأطفال الحقيقية تتجاوز الصور المعدة والتعليقات المكتوبة. فالأطفال يشعرون بالأمان عندما يكونون محاطين برعاية حقيقية، ويتم الاستماع لهم وفهمهم ودعمهم من قبل آباء واثقين ومنتبهين. وهذا يتطلب من الآباء الانتباه جيدًا لتعليقات أطفالهم حتى وإن كانت صعبة، والاستعداد لتعديل سلوكهم بدلًا من الاعتماد على نصائح الإنترنت أو البحث عن تأييد خارجي.
والاستجابة المناسبة عندما يتحدث الطفل عن طفولة صعبة يجب أن تكون حوارًا مفتوحًا ومحاولة جادة للإصلاح، لا دفاعًا أو إنكارًا عبر الصور. فالمعالجون النفسيون لا يحكمون على الآباء من خلال منشوراتهم على الإنترنت، بل يساعدون الأطفال على فهم تجربتهم.
في النهاية، يُشجَّع الآباء على خلق ذكريات حقيقية ومشاركة بعض الصور، لكن دون السماح لتعليق ذكي أن يحل محل الجهد الحقيقي والمحب الذي يحتاجه الأطفال. فالإصلاح الحقيقي يحدث في اللحظات التي لا تُلتقط في الصور، حيث يُمنح الأطفال الفهم والرعاية دون شروط أو أداء شكلي.
نقلاً عن: إرم نيوز