من هو سعيد الجديدي الإعلامي المغربي البارز

يُعَدّ الأستاذ سعيد الجديدي واحداً من أبرز الإعلاميين المغاربة الذين أسهموا في وضع اللبنات الأولى للإعلام الناطق باللغة الإسبانية في المغرب، وهو ابن مدينة تطوان وتحديداً حي عين خباز الذي خرجت منه أسماء عديدة تركت بصمة في الثقافة والفكر والإعلام. منذ سنوات شبابه ارتبط اسمه بالصحافة والإعلام، ليصبح لاحقاً من الأسماء التي لا يمكن تجاوزها عند الحديث عن الإعلام المغربي الموجه للناطقين بالإسبانية، حيث جمع بين المهنية الإعلامية والبعد الثقافي والأدبي، فكان إعلامياً، مترجماً، وأديباً في الوقت ذاته.
بدأ الجديدي مسيرته المهنية في القناة الأولى المغربية، وهناك ساهم في تأسيس نشرات الأخبار باللغة الإسبانية، في مرحلة ما بعد الاستقلال التي كان المغرب في أمس الحاجة إلى تنويع لغاته الإعلامية وتقريب المعلومة من مختلف فئات المجتمع. ومع مرور الوقت أصبح وجهاً مألوفاً لدى المشاهدين كمقدم لنشرات الأخبار الإسبانية، وتميز بحضوره الهادئ وصوته الرصين وأسلوبه الموضوعي، الأمر الذي جعله يحظى باحترام وثقة الجمهور. ولم يتوقف عمله عند تقديم الأخبار فقط، بل شارك أيضاً في تطوير المحتوى الإعلامي الإسباني بالتلفزيون المغربي، وفتح الطريق أمام جيل جديد من الصحفيين الشباب الناطقين بهذه اللغة. كما عمل مستشاراً لعدد من المؤسسات الإعلامية الناطقة بالإسبانية داخل المغرب وخارجه، مما عزز مكانته كمرجع إعلامي في هذا المجال.
لم يكن سعيد الجديدي مجرد إعلامي ينقل الخبر، بل كان مفكراً مثقفاً وأديباً مترجماً أسهم في نقل الفكر العربي والإسلامي إلى القراء الإسبان، فقد قام بترجمة العديد من المؤلفات الدينية والإنسانية التي لاقت انتشاراً واسعاً، من بينها “الشمائل المحمدية”، و“هذا الحبيب يا محب”، و“صفة الصلاة” لابن العثيمين، و“الكلم الطيب” لابن تيمية، و“حصن المسلم”، و“رسالة ابن أبي زيد القيرواني”. وبفضل هذه الترجمات أتاح للناطقين بالإسبانية الاطلاع على التراث الإسلامي والتعرف على جوهر الثقافة العربية، ما جعله جسراً ثقافياً بين الضفتين المغربية والإسبانية.
إسهاماته المتعددة لم تمر دون تقدير رسمي، ففي أكتوبر من عام 2018 نال وسام الاستحقاق من دولة إسبانيا، وهو الوسام الذي يمنحه الملك فيليب السادس تكريماً لشخصيات بارزة قدمت خدمات كبيرة في مجال التقريب بين الثقافات. وقد جاء هذا التكريم اعترافاً بما بذله سعيد الجديدي من جهد طوال عقود في تقريب اللغة الإسبانية من المشاهد المغربي وإغناء المشهد الإعلامي المغربي بلغات متعددة. تسلم الوسام الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية من سفير إسبانيا بالرباط، وكان ذلك بمثابة تتويج لمسيرة مهنية حافلة بالعطاء والجدية.
عٌرف سعيد الجديدي ببصمته الواضحة في الإعلام المغربي من خلال ثلاثة عقود من العمل المتواصل، استطاع خلالها أن يرسخ الصحافة الإسبانية كجزء لا يتجزأ من المشهد الإعلامي الوطني، وفي الوقت نفسه منح الثقافة مكانة مهمة عبر كتاباته وترجماته. ويُذكر اليوم باعتباره رمزاً للتقاطع الثقافي والحضاري بين المغرب وإسبانيا، ورجلاً وهب حياته للإعلام والفكر وخدمة المجتمع، وظل حتى آخر مسيرته محافظاً على صورة الإعلامي الجاد والمثقف الذي يجمع بين قوة المعلومة وصدق الكلمة وعمق الثقافة.
نسخ